الجمعة، 17 يوليو 2009

قبل أن نرى النور


لم تكن القرى كتلك القرى التى تضيئ كالنهار في عتمة ليل دامس ، لم تكن البيوت هي نفسها التي تبنى من الإسمنت المقوى والتي تعدت في جمال بناءها وروعة هندستها كل وصف .. كنا نحمل القناديل إذا قرب المساء لنملئها بأحد مشتقات البترول الذي يسميه أهل قريتنا آنذاك ( حل التراب) ونشعل فتيلها باحثين عن موقع لايصله الريح أو حتى نسمات هواء ضعيفه لتطفئه ، المساء هو الآخر حكاية أخرى لليل طويل بداخل بيوتنا الطينيه التي نفترش دعونها المصنوعه من السعف ونلقي بأجسادنا في تلك المطوية السعفيه التي ما تكون عرضة لتسلق الهوام والدواب ولسعات البعوض ، حتى تلك الدعون لم تسلم تلك الأجساد من طعناتها .
الهدوء يبدأ في أول تشكل للظلام حتى نهاية صلاة العشاء ، الأطفال أمثالنا آنذاك يعيشون الخوف من أصوات تأتي من الخارج فيبدأون في رسم صورة لليل يشبه الوحوش الكاسره التي تزأر خارجا .. قريتي لم تكن بها مدرسه فأهل القريه لا يعلمون شيئا عن التعليم والدارسه ، كل ما يعلمونه أن هناك فجر جديد وأن هناك وعدٌ وهناك من أطلق الوعد ولم يبقى الى أن يوفي بتلك التعهدات ، كانوا يحكون لنا أيامها عن مسقط وعن أن الليل سيتحول من مخيف الى وديع ، ستنير طرقاته ونسير في طرقاته بأمن وأمان ، وأن التعليم سيصل قريتنا السمراء الوديعه ، كنا نتسأل بحجم عقولنا الطفوليه عن معقولية أن نتخلص من مخاوفنا التي ربما تكبر معنا فسوداوية الليل ووحوشه أشبه بمستقبل لا يعرف أوله من آخره ،كنا نكبر على رقم إختزل في ذاكرتنا (23 يوليو) لدرجة أننا أحببناه ، وبعد مدة قصيرة من الزمن بدأنا نرى سيارات ضخمه تحرث الأرض ، نحسبها ونحن في عمر الزهور وحوشا ستتحول ليلا الى كائنات أخرى ، كنا ونحن في جمعة أطفال ندعو كأبائنا كأهل القرية جميعا بالتوفيق ودوام الصحة والعافيه لقائد هذا الوطن ، كنا ندرك أن شيئا ما بدأ يتغير وأن القرية لم تعد هي التي ألفنا خوفها المسائي وقريبا سيصدق القول أن الليل الذي ضحك علينا بأصوات تشكلت في عقولنا أنها وحوش وكواسر سيتحول الى حمل وديع ، كنا نحب هذا القائد قبل أن نراه ، كنا نشعر به قريبا منا ، من طموحاتنا وأحلامنا ، كنا ندرك أنه عظيم الفكر ينظر الى المستقبل بعين تنظر الى أبعد مما تراه عيوننا ، كنا نحبه ونتمنى أن نراه ، وحين توزعت صوره على القريه ، كنا نصبحها قـُبلا ونمسيها قـُبل ، هذه ليست مجرد صورة رجل عادي ، بل هي صورة قائد بايعناه على الولاء والطاعه ونحن في بداية أعمارنا الأولى ، وفي هذا التاريخ بالذات ..... وهذا ما ستكمله يوم الخميس 23 يوليو .. فالحكاية ستنتهي الاسبوع القادم إلا أن مسيرة القائد مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم أبقاه الله تاريخ لاينتهي .. الى الملتقى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق