الخميس، 30 يوليو 2009

ما بعد النور



الأعمدة الخشبيه الطويله والأسلاك ذات الخط العالي التي تربط بينها والأنباء التي تترد أن غدًا سينقشع الظلام وستهرب وحوش الليل من عقولنا ومن طرقات وزقاق القريه (وإن غد لناظره قريب) كنت وأنا أرى طول الأعمده أنها ليست أول من سيبعث النور على القريه وأن نورًا سبق تلك العمدان بكل أسلاكها الممتده ، نورٌ نلمسه في الصورة الكبيرة التي إعتلت صدر المنازل قبل أن تأتي تلك المركبات الضخمه أويصعد عامل الى أعلى عمود خشبي حاملا معداته وأسلاكه ومصابيحه الطويله ، إنتظرنا طويلا ليلة اليوم التالي ، كانت الليلة الأولى التي نكسر فيها حاجز الخوف ، جميع أبناء القريه من شيوخ وشباب وأطفال تجمعت في ليل دامس كليالي ما قبل النهضة المباركه تنتظر الوعد يحدوها القلق من تأخر النور ، وما هي إلا ساعات وتحول الليل الى نهار لم نألفه أو نحلم به من قبل ، كنا نرقص فرحـًا مهللين ومكبرين إصطفت القريه لتصلي صلاة شكر على هذه النعمه ، ودّعنا ليلتها القناديل والظلام والوحوش التي ظلت لسنوات تعشعش في أفكارنا وعقولنا الى غير رجعه ، أحسسنا ببرودة المراوح العلويه في الصيف ، ودّعنا الظلام وبدأنا نستقبل في ساحة القرية الكبيرة جموع العائدين من زنجبار والبحرين والكويت وغيرها من البلدان ، عادوا إستجابة لنداء القائد هكذا كانوا يرددون (سمعنا النداء فأدركنا أن عهدًا جديدًا قادم لعُمان .. فعدنا لنشارك البناء) الشايب حمود كان من بين العائدين كان الوحيد الذي يجيد اللغة الإنجليزيه بالإضافة الى السواحليه فلم يكن هناك من يجيد القراءة والكتابه إلا (طومس وبريرا) وهم أطباء متوجلين يُقدمون العلاج لمن يحتاجه ويساعدون أهل القرى التي يزورونها للتواصل مع أقاربهم من خلال قراءة الرسائل التي تردهم من أهلهم عن طريق المسافرين والتي غالبـًا ما تكون بلغة غير العربيه وهو أول من اجتمع أبناء القريه في منزله لمشاهدة التلفاز الرجال والأطفال في المجلس الكبير والنساء اللاتي تغشين سترًا من الرجل الذي يقرأ نشرة الأخبار في مجلس النساء .. عادت المركبات الضخمة لتبني المدارس كنت وأنا في أول يوم أذهب فيها الى المدرسه ممسكـًا بيد والدي الذي تأبط ملف أزرق ، أذكر أول يوم رسمت فيها (أ) رسمًا قبل أن أكتبها حرفــًا في دفاتر وزعت إلينا كمنحة من القائد وأقلام ومساطر وكتب .. بعد أشهر أبلغـَنا مربي الفصل أن غدًا سيزور قريتنا سلطان البلاد ، هتفنا حينها (عاش قابوس المعظم.. عاش قابوس المعظم ) لم ننم ليتلتها فمن وعد شعبه وأوفى الوعد ومن أنار الدروب والعقول سيزور قريتنا ، سنراه أخيرًا سنـُقبل تلك اليد البيضاء التي أعطت بلا حدود ، إصطففنا على جانبي الشارع منتظرين وصول موكبه الميمون هاتفين حبـًا لهذا القائد الباني (بالروح بالدم نفيدك ياقابوس) كانت أيدينا ترتفع تحية لموكبه وكان يبادلنا التحية بأحسن منها ، رأيناه قائدًا عالي الهمه محبـًا لشعبه ووطنه رأيناه شخصية لم ولن تنجب الأرض مثله ، مقدام هُمام يمشي واثق الخطى ، تحفه عناية المولى جل وعلا ومحبة شعب بأكمله ، هذا هو الذي قال فأوفى ووعد فأنجز ، هذا الذي أنار بنور فكره الأرض والعقول .. وها نحن اليوم نحتفي بك بذات الحب ونرخص لك الروح والدم والولد ، أيها القائد العظيم يحق لنا أن نفخر ونقدم اليكم آيات الشكر والعرفان والولاء لجلالتكم ونجدد لكم العهدعلى السمع والطاعه ما حيينا .. فلو عبرت بنا البحر لعبرناه معك .. نلتف حولك رجالا لاتلهيهم براثن الدنيا عن القيام بالواجب الذي تعلمناه من عزمك وهمتك ، في هذا اليوم وقبل سنين عديده حين كنا في عمر الزهور نردد السلام الوطني فترتج الأرض بهتافاتنا وكنا نردد أغاني عبدالله الصفراوي في طوابير الصباح ونحن ندخل فصول الدراسه لتزرع فينا العزيمه وتبعث الوطنيه مقبلين غير مدبرين للعلم والمعرفه

فأنت المرام وأنت المراد.. وأنت منى الشعب والمطلب
بعهدك قد ساد مجد البلاد .. وقد حان للشعب أن يطربوا

كبر السلام الوطني وكبرت الهمه وبقيت كبيرًا في قلوبنا ، وختاما لا أقول إلا (حَكمت ،فَعَدلت ،فأمِنـْتَ ، فنمت يامولاي )

الجمعة، 17 يوليو 2009

قبل أن نرى النور


لم تكن القرى كتلك القرى التى تضيئ كالنهار في عتمة ليل دامس ، لم تكن البيوت هي نفسها التي تبنى من الإسمنت المقوى والتي تعدت في جمال بناءها وروعة هندستها كل وصف .. كنا نحمل القناديل إذا قرب المساء لنملئها بأحد مشتقات البترول الذي يسميه أهل قريتنا آنذاك ( حل التراب) ونشعل فتيلها باحثين عن موقع لايصله الريح أو حتى نسمات هواء ضعيفه لتطفئه ، المساء هو الآخر حكاية أخرى لليل طويل بداخل بيوتنا الطينيه التي نفترش دعونها المصنوعه من السعف ونلقي بأجسادنا في تلك المطوية السعفيه التي ما تكون عرضة لتسلق الهوام والدواب ولسعات البعوض ، حتى تلك الدعون لم تسلم تلك الأجساد من طعناتها .
الهدوء يبدأ في أول تشكل للظلام حتى نهاية صلاة العشاء ، الأطفال أمثالنا آنذاك يعيشون الخوف من أصوات تأتي من الخارج فيبدأون في رسم صورة لليل يشبه الوحوش الكاسره التي تزأر خارجا .. قريتي لم تكن بها مدرسه فأهل القريه لا يعلمون شيئا عن التعليم والدارسه ، كل ما يعلمونه أن هناك فجر جديد وأن هناك وعدٌ وهناك من أطلق الوعد ولم يبقى الى أن يوفي بتلك التعهدات ، كانوا يحكون لنا أيامها عن مسقط وعن أن الليل سيتحول من مخيف الى وديع ، ستنير طرقاته ونسير في طرقاته بأمن وأمان ، وأن التعليم سيصل قريتنا السمراء الوديعه ، كنا نتسأل بحجم عقولنا الطفوليه عن معقولية أن نتخلص من مخاوفنا التي ربما تكبر معنا فسوداوية الليل ووحوشه أشبه بمستقبل لا يعرف أوله من آخره ،كنا نكبر على رقم إختزل في ذاكرتنا (23 يوليو) لدرجة أننا أحببناه ، وبعد مدة قصيرة من الزمن بدأنا نرى سيارات ضخمه تحرث الأرض ، نحسبها ونحن في عمر الزهور وحوشا ستتحول ليلا الى كائنات أخرى ، كنا ونحن في جمعة أطفال ندعو كأبائنا كأهل القرية جميعا بالتوفيق ودوام الصحة والعافيه لقائد هذا الوطن ، كنا ندرك أن شيئا ما بدأ يتغير وأن القرية لم تعد هي التي ألفنا خوفها المسائي وقريبا سيصدق القول أن الليل الذي ضحك علينا بأصوات تشكلت في عقولنا أنها وحوش وكواسر سيتحول الى حمل وديع ، كنا نحب هذا القائد قبل أن نراه ، كنا نشعر به قريبا منا ، من طموحاتنا وأحلامنا ، كنا ندرك أنه عظيم الفكر ينظر الى المستقبل بعين تنظر الى أبعد مما تراه عيوننا ، كنا نحبه ونتمنى أن نراه ، وحين توزعت صوره على القريه ، كنا نصبحها قـُبلا ونمسيها قـُبل ، هذه ليست مجرد صورة رجل عادي ، بل هي صورة قائد بايعناه على الولاء والطاعه ونحن في بداية أعمارنا الأولى ، وفي هذا التاريخ بالذات ..... وهذا ما ستكمله يوم الخميس 23 يوليو .. فالحكاية ستنتهي الاسبوع القادم إلا أن مسيرة القائد مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم أبقاه الله تاريخ لاينتهي .. الى الملتقى

الأحد، 12 يوليو 2009

الصبر .. طيب

جمعية الكتــّاب والأدباء وثأني أعضاؤها الإداريين يعتذرون عن إجراء تصريح صحفي

حتى الآن لاندري أين المشكله

ومامصير الشعراء الذين يلحون على إجراء لقاء موسع

والسؤال الأهم : لماذا يتم إختيار من لايملكون قرارهم بأنفسهم أو لماذا لا يتم إعطاؤهم مساحة التصريح أو لماذا لا يرحلون إن كانوا غير قادرين على ذلك

الاول : نجد له عذر كبير فهو كما قال موجود خارج السلطنه للدراسه وفي حالة لم يتم الرد من المسئول عن الشعر النيطي الرجوع اليه

الثاني : ولاسباب تتعلق بإدارة عمله أو كما روى ذلك لا يستطيع التصريح (طيب كيف؟)

أحيانا يضع البعض نفسه في مواضع محرجه .. لابائس من أن نسأل إدارته عن سبب توسيع صلاحيته ولماذا وهو يصرح دائما ويمتلك قلما لايمكنه التصريح بلقاء

عموما .. لا زال الصبر جميل

الى أن ينفذ

وإذا نفذ ..

الله يستر

تواصــــــــــل

أسدل الستار بالأمس عن الملتقى الأدبي الخامس عشر على أمل العودة مجددًا الى الملتقى الأدبي القادم بعون الله وتوفيقه بحلة جديده وبحُكام جدد في مجال الشعر النبطي والفصيح والقصة القصيره وقراءات نقدية جديده لكتـّاب جدد .تجديد الدماء الشابه أمر لابد منه في المؤسسات التي تعنى بالثقافه حتى لا تبقى المدارس الشعريه هي نفسها لسنوات وبذلك تفتح المجال للتشكيك في مصداقيتها ، وهذا نهج يتضح جليـًا خلال هذا الملتقى الذي انفض سامره بحب وألفه ولاحظنا أن اختيار المُحكمين إختلف تماما عن السنة الفائته وهو إنموذج رائع يحسب للوزارة فيه إنتقائها صفوة الصفوة من الشعراء المُبدعين في السلطنه وإعطاءهم الثقة الكامله دون تمييز أو تحيز ، وفي كل سنة يتأكد لنا أن الإهتمام بالقراءات النقديه المُصاحبه أمر وضعته وزارة التراث والثقافه في أولويات إهتمامها لتعم الفائده الشعراء المشاركين بالملتقى والجمهور الحاضر لتلك الفعاليات ، ومن هذا المنبر أهنئ الشعراء الفائزين بالمراكز الأولى رغم أنني أعتبر أن جميع الشعراء المشاركين دون استثناء فائزين بدخولهم الملتقى الذي وبلا شك فرصة للتعارف والإستفاده من إختلاف المدارس الشعريه مما سيخلق بالنسبة لهم ثقافة جديده ستنعكس مستقبلا على نصوصهم الشعريه وهذا أهم ما في مثل تلك الملتقيات .. أنا لست هنا في موقف المطالب بقدر ما أنظر دائما من النصف المملتئ لرؤية مستقبليه أكثر تفاعلا وتفائلا ، ولا يعني التغيير تقليل من شأن المُحكمين أو الكتـّاب فلا يوجد سبب لا من قريب أو بعيد يجعلنا نتشكك فيهم خصوصًا وأن لهم السبق في هذا المجال عن أخوانهم الشعراء وهم بلا شك أكفاء في هذا المجال ، لكن ليستفيد القادمين في الملتقى القادم منهم .الساحة الشعريه العُمانيه وأقولها صراحة عانت ولازالت تعاني من تغليب أهواء المُحكمين في بعض المسابقات مما خلق هوة كبيرة بين الشاعر والمُحكم فالبعض من هؤلاء يختارون الأسماء الشعريه فقط وهذه الأسماء كثيرًا ما تكون من شلل أولئك المُحكمين من المنافقين والموافقين لهم دون إلتفات اللجنة التي أوكل اليها مسئولية الرقي بالمسابقه الى النص الشعري والتعمق فيه وكأن الإسم أولى من إختيار القصيده وهذا كان أحد الأسباب التى لاتحصى في خلق حالات نفسيه عكسيه لدى بعض الشعراء المشاركين مما جعلهم يعزفون عن المشاركة مستقبلا في تلك المسابقات بسبب مجموعة من المُحكمين وإسألوا مجرب سابق .هناك من تَغلب عليهم الحداثة المتعمقه في الحداثه فيعتبر أن من لا يُفصّل القصيدة المشاركه على قياسه هو وأعني المُحكم شاعر ممنوع من المشاركه أو من المغضوب عليهم مهما كان نصه الشعري قوي ويمتلك مقومات المنافسه على المراكز الأولى إلا أنه وبقدرة قادر يقصى عمدًا بسبب ميول اللجنة الشعري ، وهذا ما خلق للأسف جيلا آخر ينتظر أسماء لجنة التحكيم أولا قبل الدخول للمسابقه ليدخل بقصيدة تتماشى وتوجه المُحكم حتى لو لم تجسد مشاعره وأحاسيسه ومبدأه ونهجه المتعارف عليه كشاعر وأشياء أخرى .. أجاركم الله شرور مثل أولئك المُحكمين .. ودمتم سالمين